تغدَّى غزوانُ سريعاً، وتناولَ الكرة..
سألَتْهُ أُمُّهُ:
ـ لماذا أخذْتَ الكرة؟
ـ سألعبُ بها قليلاً، لأنشِّطَ جسمي للدراسة.
ـ اتركِ اللعبَ وادرسْ.
ـ المعلِّمُ قال لنا: العقلُ السليم في الجسم السليم.
سكتتِ الأُمُّ، وخرجَ غزوانُ، يلعبُ، ويلهو، حتّى غابتِ الشمسُ، فرجعَ إلى البيتِ، وهو يلهثُ من التعب..
قالَتْ لـهُ أُمُّهُ:
ـ لقد لعبْتَ كثيراً، افتحْ كتابَكَ وادرسْ.
ـ كيف أدرسُ وأنا جائع؟!
أحضرَتِ الأُمُّ طعامَ العشاءِ، فأكلَ غزوانُ حتّى شبعَ.
قالَتْ لـهُ أُمُّهُ:
ـ افتحِ الآنَ كتابَكَ وادرسْ.
ـ كيف أدرسُ وأنا مُتعَب؟!
ـ استرحْ قليلاً.
تركَتْهُ مدَّةً، ثمّ عادتْ إليهِ، وقالَتْ:
ـ هل استرحْتَ؟
ـ استرحْت.
ـ هيّا يا حبيبي، افتحْ كتابَكَ وادرسْ.
ـ كيف أدرسُ، وأختي تبكي، وتصرخ؟!
ـ لن أدعَ أُختكَ هنا، وسأغلقُ عليكَ الباب.
حملَتِ الأُمُّ طفلتَها الصغيرةَ، وأخذَتْها إلى غرفةٍ أُخرى، وظلّتْ بجانبها، تُهدِّئها، وتُربِّتُ على جنبها، حتّى هدأتْ، ونامَتْ..
عادَتِ الأُمُّ مسرورةً، تمشي على رؤوس أصابعها، حتّى لا تُحدثَ صوتاً يُعكِّرُ دراسةَ ابنها.. فتحَتِ البابَ بهدوء، سمعَتْ صوتَ شخير!
اقتربَتْ من غزوان، وجدَتْهُ يغطُّ في نومٍ عميق..
وقفَتْ فوقَ رأسهِ صامتةً، لم تطلبْ إليهِ أنْ يدرسَ، حسبَتْهُ يقولُ لها:
ـ كيف أدرسُ، وأنا نائم؟!